أبحاث عقدية

مسألة في الخلق من مادة عند ابن تيمية (بين الوجوب والحكمة)

في الرد على من زعم أن ابن تيمية يقول أن الله لا تتعلق قدرته بالخلق بغير مادة.

التطابق بين كلام ابن تيمية في عدة مواضع مع اختلاف في جهة التفصيل يبين الكثير من المقاصد، وهو رحمه الله من المكثرين في التكرار، ومن الآفات المعاصرة قص كلام شيخ الإسلام ونزعه عن تقريراته والمجازفة المتسرعة بحمل ما قد يتوهمه البعض من تناقضات في كلامه وهذا أمر نسبي على التراجع بلا بينة قوية، ثم حمل مواقفه الاخيرة المزعومة بعد نزعها عن تراثه كاملًا على كلام خصومه وشرحها بكلامهم حتى تدخل على طلابه باسمه كحصان طروادة بحجة أن هذا موقف جديد له لم يفصل وإنما يظهر أنه وافق فلان المخالف فنذهب ونكمل الفجوات من كلام فلان المخالف ثم بناء جبال من اللوازم والتأويلات بناء على ذلك.

والمسألة التي نحن في صدد الكلام عنها هي من أظهر الأمثلة على ذلك

فمثلًا قوله:

“لكن القائلون بإثبات الجوهر الفرد من المعتزلة ومن وافقهم من الأشعرية وغيرهم يسمون هذا استدلالا بحدوث الصفات، بناء على أن هذه الحوادث المشهود حدوثها لم تحدث ذواتها، بل الجواهر والأجسام التي كانت موجودة قبل ذلك لم تزل من حين حدوثها بتقدير حوادثها، ولا تزال موجودة، وإنما تغيرت صفاتها بتقدير حدوثها كان تتغير صفات الجسم إذا تحرك بعد السكون، وكما تتغير ألوانه، وكما تتغير أشكاله.

وهذا مما ينكره عليهم جماهير العقلاء من المسلمين وغيرهم.

وحقيقة قول هؤلاء الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم من الأشعرية وغيرهم: أن الرب لم يزل معطلا لا يفعل شيئا، ولا يتكلم بمشيئته وقدرته ثم إنه أبدع جواهر من غير فعل يقوم به، وبعد ذلك ما بقي يخلق شيئا، بل إنما تحدث صفات تقوم بها، ويدعون أن هذا قول أهل الملل: الأنبياء وأتباعهم” – «درء تعارض العقل والنقل» (3/ 84)

هذا تماما نظير قوله في النبوات:

“ولهذا لم يذكر الله قط أنه أحدث شيئا إلا من شيء. والذي يقول إن جنس الحوادث حدثت لا من شيء، هو ‌كقولهم: إنها حدثت بلا سبب حادث”

بعد أن ناقش مسألة حدوث الذوات والأعراض قبلها بصفحات بل قال قبلها بصفحات حاكيًا قول المخالفين: «وكذلك النطفة جواهرها باقية؛ إما الجواهر المنفردة، وإما المادة. والحادث هو عرض، أو صورة في مادة. ولا هذا، ولا هذا خلق من نطفة. وليس قولهم أنه لم يخلق من مادة، معناه أن الخالق أبدعه لا من شيء، وأنهم قصدوا بها ‌تعظيم الخالق، بل الإنسان لا ريب أنه جوهر قائم بنفسه. وعندهم ذلك القائم بنفسه ما زال موجودا،» «النبوات لابن تيمية» (1/ 314) ولاحظ كيف يجعل هذا من تعظيم الله تمامًا كما قاله في حدوث العالم، ويبين أن الخلق من مادة لا ينافي أصلا إبداع الشيء من عدمه بل فيه مزيد كمال كقلب الحقائق وإلخ لكن القول بعجز الله عن غير الخلق من مادة عده ابن تيمية من النقص كما أن العجز عن الخلق من مادة عده من النقص والقول القبيح.

فعندما رد ابن تيمية على من قال بعجز الله عن خلق شيء من شيء بين أننا نشهد ذلك بالحس وأن الدليل الذي لأجله يقولون بامتناع ذلك وهو امتناع حوادث لا أول لها يلزم منه ممتنعات كما بيننا آنفا

فذكر قولهم:
“وهؤلاء، تحيّروا في خلق الشيء من مادة؛ كخلق الإنسان من النطفة، والحب من الحب، والشجرة من النواة، وظنّوا أنّ هذا لا يكون إلا مع بقاء أصل تلك المادّة؛ إمّا الجواهر عند قوم، وإمّا المادّة المشتركة عند قوم. وهم في الحقيقة يُنكرون أن يخلق الله شيئاً من شيء؛ فإنّه عندهم لم يُحدِث إلا الصورة التي هي عرض عند قوم” – النبوات لابن تيمية (1/ 312)

ثم أخذ يبين الحكمة من خلق شيء من شيء

“فلهذا كانت الأنبياء مخلوقة من مادة لها أصول، ومنها فروع، لها والد ومولود. والأحد الصمد: لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد.” – النبوات (1/ 327)

ولو كان الأمر واجبًا عقلًا لا تتعلق القدرة بخلافه فما الداعي لبيان الحكمة منه! والحكمة فرع المشيئة التي يجوز خلافها لكن الله خصها للحكمة التي لا تتحقق إلا بها

بل ينص على ذلك صراحة بما يوافق كل ما نقلناه من النبوات والدرء فيقول:

“فكان من حكمة الباري ورحمته أن أمطر مطرا أرضا بعيدة، ثم ساق ذلك الماء إلى أرض مصر.
فهذه الآيات يستدل بها على علم الخالق وقدرته ومشيئته وحكمته، وإثبات المادة التي خلق منها المطر والشجر والإنسان والحيوان مما يدل على حكمته .
ونحن لا نعرف شيئا قط خلق إلا من مادة، ولا أخبر الله في كتابه بمخلوق إلا من مادة” – منهاج السنة النبوية (5/ 444)

فلاحظ أن سياق الكلام عن الحكمة وهو نظير الكلام في النبوات تمامًا.

لكنه يتهم من ينفي قدرة الله على الخلق بغير مادة أصلًا من الفلاسفة بالحماقة! فيقول: “يقال له: يا أحمق؛ إذا جوّزت أن يكون مجموع العالم من غير مبدع ولا مادة؛ كيف يمتنع أن يكون بعضه من غير مادة مع كونه من صانع” -مسألة حدوث العالم (ص: 62)

وأما نظير قوله: “ولهذا لم يذكر الله قط أنه أحدث شيئا إلا من شيء” فهو في بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية (1/ 291) حيث قال: “لكن لم نشهد تكون شيء إلا من شيء فهذا حق كما أخبر الله تعالى به في كتابه العزيز كما قال خلق الإنسان من صلصال كالفخار وخلق الجان من مارج من نار وقال ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين”

ويقول: “ونحن لا نعرف شيئا قط خلق إلا من مادة، ولا أخبر الله في كتابه بمخلوق إلا من مادة” – منهاج السنة النبوية (5/ 444)

بل في كتاب النبوات نفسه يقول: “وحقيقة قولهم [الجهمية]: أن الله لا يحدث شيئا من شيء؛ لا جوهرا، ولا عرضا؛ فإن الجواهر كلها أحدثت لا من شيء، والأعراض كذلك.”

ثم يرد عليهم فيقول: “والمشهود المعلوم للناس إنما هو إحداثه لما يحدثه من غيره، لا إحداثا من غير مادة”

ولاحظ (لم نشهد = لم يُذكر)، ولاحظ (أن قولهم في أن الجواهر لا تخلق من مادة هو لقولهم في مسألة أن أول مخلوق لا يسبقه مخلوق حتى يخلق منه وأن نفس الجواهر تلك باقية وأنهم لم يقصدوا تعظيم الخالق بل قولهم راجع لهذه المسألة) وقد نص على هذا في الدرء كما نص عليه في النبوات.

وفي كتاب حدوث العالم يسلم للفلاسفة أننا لم نشهد إلا ذلك لكنه يقول:

“ومعلوم: أن عدم شهادة الحس لا تنفي ثبوت ما لم يشهده.

ولو كان ما لم يشهده الإنسان بحسه ينفيه؛ لبطلت المعقولات والمسموعات” مسألة حدوث العالم (ص: 65)

فهو لا يستدل بالاستقراء الناقص على امتناع الوقوع وأن الله عاجز عن ذلك كما فهموه! بل يستدل على المانع من وقوع الاستحالة وخلق الشيء من شيء وبالأسباب أننا لم نشهد إلا هذا أصلًا فكيف تقول بامتناعه!.

فالنقاش في هذه المسألة وابن تيمية في النبوات يقيم محاكمة لأقوال المتكلمين والفلاسفة في المادة والحدوث، فيبين ما يقبل من كل طرف وما يرده،
فيصرح ابن تيمية في النبوات: “والذي يقول إن جنس الحوادث حدثت لا من شيء، هو ‌كقولهم: إنها حدثت بلا سبب حادث” وبعدها بأسطر يقول: “وهذه الأمور كلها من أقوال الجهمية؛ أهل الكلام المحدث المبتدع المذموم، وهو بناء على قولهم: إنه تمتنع حوادث لا أول لها.”

ثم يبين أن هذا السبب الحادث قد يكون خلق شيء من شيء أو من شرط أو بشرط أو بفعل حادث قائم بالرب تجدد لحكمة تتعلق بمخلوقات سابقة، فيقول تاليّا: “والذي يقول إن جنس الحوادث حدثت لا من شيء، هو ‌كقولهم: إنها حدثت بلا سبب حادث وركز أنه يشترط مطلق السبق للخروج من قولهم الممتنع، لكنه ينص أنه لم يذكر في الشرع ولا في المشاهد إلا أن السبق يكون استحالة من المسبوق، فيقول:

وإذا قيل: يمكن أن يحدث حادث؛ فإن قيل يمكن حدوثه بدون سبب حادث، فهو ممتنع، وإذا كان الحدوث لا بُدّ له من سبب حادث؛ فذاك السبب إن كان قائماً بذات الرب، فذاته قديمةٌ أزليّةٌ، واختصاص ذلك الوقت بقيام مشيئةٍ، أو تمام تمكّنٍ، ونحو ذلك، لا يكون إلا لسببٍ قد أحدثه قبل هذا في غيره، فلا يحدث حادثٌ مبايِنٌ إلاَّ مسبوقاً بحادثٍ مباينٍ له.”

مع نصه في حدوث العالم أن الخلق عن عدم ممكن، وأن الإمكان السابق للممكن لا يمكن أن يكون هو إمكانه الذاتي ونفس افتقاره الذاتي الذي لا يعلل بشيء غيره كما يقوله الفلاسفة (يقول: فتبين أنه إذا كان من الأمور ما هو ممكن في نفسه، لا يقف إمكانه على غيره، ومعنى إمكانه أنه لا يستحق بنفسه وجوداً ويمتنع وجوده بنفسه، وهو بالنظر إلى نفسه فقير محض، أي الفقر الذاتي الذي يمتنع معه غناه بنفسه – درء تعارض العقل والنقل 3/ 201)، بل الإمكان السابق هو الإمكان الخارجي الذي يكون شرطًا في خلقه كما نص عليه في النبوات، كقدرة الله عليه وإرادته له وما تتعلق حكمته به لتخصيص زمان ومكان وصفة ومقدار، ثم إن كان سيخلق في محل فقابلية المحل له، كسلامة الأرض للبذرة على أن البذرة تغتذي من الأرض وتكون في جوفها لا أنها تستحيل من مادتها الترابية أو تقوم بها قيام العرض بالجوهر بل الأرض لها حيز والبذرة لها حيز عدمي خاص، وليس هذا النص أول نص ينبه فيه ابن تيمية لمسألة تمام التمكن بل يقول في شرح الأصبهانية “وحينئذ: فإذا صار الفعل والمفعول ممكنا بعد أن كان ممتنعا، لم يكن ذلك لامتناع ذاته بل لإمكان لوازمه وانتفاء موانعه التي هي شروط فيه. وعدم المانع حصل بانقضاء الفعل الأول، وأمكن حينئذ حصول الثانى بلوازمه، ولم يكن عدم المانع جزءًا من المؤثر، بل كان مستلزما كمال التأثير. وركز أن تمام التأثير كقوله في النبوات “فإذا قيل عن الربّ: يمكن أن يخلق؛ فمعناه أنّه يقدر على ذلك، ويتمكّن منه. وهذه صفة قائمة به.”

فبعد أن حكى حجة الفلاسفة التي سبق منه أن حكاها في حدوث العالم والصفدية بل والدرء ويعدها شبهة من شبهات الفلاسفة، حقق مفهوم الإمكان الذي يسبق الحدوث، فبين أنه الإمكان الخارجي وهو تحقق شروط حدوث الحادث المعين التي هي بمشيئة الله وحكمته وتمام تمكنه وتمام التأثير – ويسميه تجدد القدرة – وهي القدرة المقارنة للفعل الموجبة للمفعول المعين وليست القدرة القديمة وحسب، وهي ليست عن سابق عجز بل عن تمام تمكن بعد تحقق شروط الحكمة وترجيح فعل الخلق في الزمان المعين.

فالإمكان الذي لابد له من محل ليس إمكان الممكن الذاتي الذي هو نفس افتقاره إلى الواجب وأنه موجود بغيره (كما بين ذلك في حدوث العالم)، بل الإمكان الخارجي وهو إمكان حدوثه في الخارج وعدم امتناعه لغيره (كما بينه في النبوات وغيرها)، فالجهة منفكة بين ما نقده في حدوث العالم وبين ما قرره في النبوات.

فقوله:

“والتحقيق: أنه نوعان: فالإمكان الذهني: وهو تجويز الشيء، أو عدم العلم بامتناعه، محله الذهن. والإمكان الخارجي المتعلق بالفاعل، أو المحل؛ مثل أن [تقول] : يمكن القادر أن يفعل، والمحل؛ مثل أن تقول : هذه الأرض يمكن أن تزرع، وهذه المرأة يمكن أن تحبل. و هذا لا بد له من محل خارجي، فإذا قيل عن الرب: يمكن أن يخلق؛ فمعناه أنه يقدر على ذلك، ويتمكن منه. وهذه صفة قائمة به.” – النبوات

لابد فيه من تفصيل مهم:

أن كل ما تتصوره عقولنا من أشياء عند ابن تيمية قد تحصلنا عليها من الحس كقوله:

“«فإن العلوم الكلية المطابقة للأمور الخارجية ليست مغروزة في الفطرة ابتداء بدون العلم بأمور معينة منها، لكن لكثرة العلم بالأمور المعينة الجزئية يجرد العقل الكليات، فتبقى القضية العامة ثابتة في العقل لا تحتاج إلى شواهد وأمثلة جزئية، إلا أن يكون علم تلك القضية العقلية من تركب قضايا أخر،». – شرح الأصبهانية

فالعلم بالإمكان الخارجي يتضمن العلم الثبوتي بالإمكان الذاتي لمسمى الحادث المعين ونوعه، وركز أن هناك فرق بين الإمكان الخارجي نفسه وبين العلم به، والذي هو عنده علم بالحس والاستقراء ثم القياس.

فيقول: “والإنسان يعلم الإمكان الخارجي : تارة بعلمه بوجود الشيء وتارة بعلمه بوجود نظيره وتارة بعلمه بوجود ما هو أبلغ منه فإن وجود الشيء دليل على أن ما هو دونه أولى بالإمكان منه.” – مجموع الفتاوى (3/ 298)

فمثلًا: فإذا شاهدنا الحركة المعينة، علمنا إمكانها وإمكان نظيرها لنفسه وأن نوعها لا يحمل علة امتناعه في مسماه، ولو امتنع بعض أفرادها لغيرهم فيقول في بيان ذلك: “مسمى الحركة إما أن يكون ممتنعا في الأزل، وإما أن لا يكون، فإن لم يكن ممتنعا في الأزل ثبت إمكانه، فيكون مسمى الحركة ممكنا في الأزل، وإن كان ممتنعا في الأزل فامتناع إما لنفسه، وإما لموجب واجب بنفسه، أو لازم للواجب، وحينئذ فلا يزول الامتناع” – درء التعارض، المجلد الثاني.

ومعلوم أن هذا في البشر فقط وإلا فالله علمه قديم لا يفتقر فيه لاستقراء النظائر للعلم بالإمكان الذاتي أو الخارجي!

بل معلوم أن ما لا يعلم الله وقوعه فهو ليس بواقع، كقوله تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـٰٓؤُلَآءِ شُفَعَـٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ ۚ قُلْ أَتُنَبِّـُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَلَا فِى ٱلْأَرْضِ ۚ سُبْحَـٰنَهُۥ وَتَعَـٰلَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ

ثم نفس الإمكان الخارجي ليس هو علة الإمكان الذاتي الذي هو نقيض الإمتناع الذاتي (يقول: “وقد بطل كونه واجبا بنفسه أو بغيره، فلا يكون الامتناع ثابتا في الأزل، فيثبت نقيضه، وهو الإمكان.”) وهو الذي لا يعلل ويوجب الافتقار للواجب ولا يتصور معه الممكن موجودًا إلا ويكون حادثًا، بل الإمكان الخارجي هو تحقق شروط حدوث الشيء في الخارج وهذا نظير قوله في شرح الأصبهانية:

“وحينئذ: فإذا صار الفعل والمفعول ممكنا بعد أن كان ممتنعا، لم يكن ذلك لامتناع ذاته بل لإمكان لوازمه وانتفاء موانعه التي هي شروط فيه. وعدم المانع حصل بانقضاء الفعل الأول، وأمكن حينئذ حصول الثانى بلوازمه، ولم يكن عدم المانع جزءًا من المؤثر، بل كان مستلزما كمال التأثير. ” وركز أن تمام التأثير كقوله في النبوات “التمكن منه أي من الخلق”

وهو كقوله في الدرء:

“فكان إمكان حدوثه ممكناً، كوجود الولد المشروط بوجود والده، فإن كونه ابن فلان يستلزم وجود فلان، ويمتنع أن يكون وجود ابن فلان موجوداً قبل وجود فلان، والممتنع لذاته لا يكون مقدوراً”

ولاحظ أنه يجعل قدرة الله وتجددها بتحقق شروط الحكمة هي من الإمكان الخارجي أصلًا وأنها صفة قائمة بالرب بخلاف من جعلها حصرًا تقوم بالمخلوق السابق

وهذا يفسر لماذا قال ابن تيمية: “والإمكان الخارجي المتعلق بالفاعل، أو المحل” فيقول “أو” وهي للتخيير الذي يتناول كل الأحوال الممكنة لما تكون به الحوادث ممكنة خارجًا، ولا يقول “و” فيوجب الاثنين معًا، ومن المعلوم أن كل حادث فهو مشروط بالحكمة، لكنه ليس مشروطًا بالاستحالة من شيء بالضرورة وهذا مثل قوله في حدوث العالم والقول أنه رجع عنه مصادرة على المطلوب.

بل وفي النبوات يعرف الإمكان الخارجي فيقول:

“والإمكان الخارجي: يراد به أن وجوده في الخارج ممكن، لا ممتنع، كولادة النساء، ونبات الأرض، وأما الجزم بالوقوع وعدمه، فيحتاج إلى دليل.
وفي نفس الأمر ما ثم إلا ما يقع، أو لا يقع.
والواقع لا بد من وقوعه، ووقوعه واجب لازم.
وما لا يقع فوقوعه ممتنع، لكن واجب بغيره، وممتنع لغيره:
وقوع ما قدره الله واجب من جهات
وهو واجب من جهات: من جهة علم الرب من وجهين، ومن جهة إرادته من وجهين، ومن جهة كلامه من وجهين، [ومن جهة كتابته من وجهين]، ومن جهة رحمته، ومن جهة عدله.”

ونظيره قوله في درء تعارض العقل والنقل (9/ 114)

“بل الجائزات الموجوده كلها واجبة باعتبار فاعلها، وما لم يوجد من الجائزات، فهو جائز باعتبار يفسه، وهو ممتنع لغيره.
فكما أن ما وجد من الممكنات فهو واجب لغيره لا لنفسه، فما لم يوجد منها، فهو ممتنع لغيره لا لنفسه، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فما شاء أن يكون، فلا بد أن يكون، وليس هو واجباً بنفسه، ولا له من نفسه وجوده، بل الله مبدعه.
وما لم يشأ لم يكن، فإنه يمتنع وجود شيء بدون مشيئة الله تعالى، وإن كان الله قادراً عليه، وهو ممكن في نفسه، أي يمكن أن يخلقه الله، لوشاء الله خلقه.”

بل ومزيد تفصيل في: مجموع الفتاوى (3/ 298) حيث يقول:

“فالله سبحانه وتعالى لم يكتف في بيان إمكان المعاد بهذا . إذ يمكن أن يكون الشيء ممتنعا ولو لغيره وإن لم يعلم الذهن امتناعه ؛ بخلاف الإمكان الخارجي . فإنه إذا علم بطل أن يكون ممتنعا . والإنسان يعلم الإمكان الخارجي : تارة بعلمه بوجود الشيء وتارة بعلمه بوجود نظيره وتارة بعلمه بوجود ما هو أبلغ منه فإن وجود الشيء دليل على أن ما هو دونه أولى بالإمكان منه.”

فالممتنع خارجًا، الممكن في نفسه هو الممتنع لغيره إما نوعًا أو عينًا عند ابن تيمية.

وهذا نظير قوله في الظلم حين يرد على الرازي فيقول:
“أن لفظ «الامتناع» يُراد به: امتناع الممتنع لذاته.
ويُراد به: ما يعجز الفاعل عن فعله.
ويُراد به: ما يقدر عليه، لكن لا يفعله؛ لأنه لا يريده؛
فإنَّ وجود الفعل الاختياري ممتنع، فهو إذا لم يرده؛ امتنع وجوده؛ لعدم إرادته، لا لعجزه عنه، ولا لامتناع الفعل في نفسه.
ولهذا يقال: «إنَّ خلاف المعلوم ممتنع ومحال»، بمعنى: أن الله تعالى لا يشاء كونه، لا بمعنى: أنَّه سبحانه عاجز عنه لا يقدر عليه.

إلى أن قال:
فقولُ الرَّازِي: (فعلُ القبيح: إِمَّا أن يكون ممتنعًا من الرَّبِّ، أو غير ممتنع)جوابه: «أنَّه ممتنع» بمعنى: أنَّه سبحانه لا يريده، لا بمعنى: أنَّه عاجز أو غير قادر، ولا أنَّه ممتنع في نفسه.

ولاحظ كيف يضرب ابن تيمية مثال الوجوب بالعلم والعدل والرحمة (الحكمة) في النبوات وشرح الأصبهانية عند الكلام عن الإمكان الخارجي.

فادعائهم أنه رجع عن قوله بالاكتفاء بالإمكان الذهني إلى القول بالإمكان الخارجي في النبوات مجازفة كبيرة أجنبية عن تراث شيخ الإسلام، بل دعوى تأخر كتاب النبوات نفسها فيها نزاع: إذ يقول الباحث فارس العجمي:

“القول بأن النبوات آخر مؤلفات ابن تيمية عندي محل شك، لكنه من مؤلفاته المتأخرة التي كتبها في آخر حياته، حتى المسألة التي اشتهرت هذه الفترة الأخيرة وأنه قالها في هذا الكتاب وهي مسألة الخلق من مادة، موجودة في بعض مصنفات ابن تيمية الأخرى، على الأقل في مصنفين آخرين، وإن كان ثم إشارات في مصنفات أخرى.”


أما قوله رحمه الله:

“فيقال لهم: الإمكان ليس وصفاً موجوداً للمكن زائداً على نفسه؛ بل هو بمنزلة الوجوب والحدوث والوجود والعدم ونحو ذلك من القضايا التي تعلم بالعقل، وليس العدم زائداً على المعدوم في الخارج، ولا وجود الشيء زائداً على ماهيته في الخارج، ولا الحدوث زائداً على ذات المحدث في الخارج، ولا الإمكان زائداً على ذات الممكن في الخارج، ولا الوجوب زائداً على ذات الواجب في الخارج.

والمقصود هنا الإمكان؛ فالممكن إما أن يكون معدوماً أو موجوداً؛ فإذا كان معدوماً فليس له صفة ثبوتية أصلاً؛ إذ المعدوم لا يتصف بصفة ثبوتية. وإن كان موجوداً؛ فقد صار واجباً بغيره؛ فإنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن؛ فما شاءه وجب وجوده، وما لم يشأه امتنع وجوده؛ لكن وجب بغيره وامتنع لغيره، وهو في نفسه قابل للوجود والعدم.

وقولنا: في الموجود ممكن. معناه: أنه موجود بغيره.

ومما يبيّن ذلك: أن الإمكان لو كان صفة زائدة على الممكن لامتنع قيامه بغيره؛ إذ صفة الشيء لا تقوم بغيره، وقبل وجود الممكن ليس له صفة؛ فيمتنع وجود إمكان هو صفة له قبل وجوده.”- مسألة حدوث العالم (ص: 66)

فالكلام هنا عن الإمكان الذاتي الذي هو بمنزلة الافتقار للواجب ويناقضه الإمتناع الذاتي والخ.

ودليل ذلك قوله:

“وقال أيضاً لما أراد أن يقرر قول أرسطو: إن كل حادث فهو مسبوق بإمكان العدم، والإمكان لا بد له من محل، وقد رد ذلك أبو حامد بأن الإمكان الذي ذكروه يرجع إلى قضاء العقل، فكل ما قدر العقل وجوده فلم يمتنع تقديره، سميناه واجباً، فهذه قضايا عقلية لا تحتاج إلى موجود حتى نجعل وصفاً له، لأن الإمكان كالامتناع، وليس للامتناع محل في الخارج، ولأن السواد والبياض يقضي العقل فيهما قبل وجودهما بكونهما ممكنين.”

وليس عن الإمكان الخارجي السابق الذي هو قدرة الله عليه، وتحقق شروطه الخارجية، التي لم يزل ابن تيمية يبينها في كل موضع كقوله “ثم إنه إذا بين كون الشيء ممكناً فلا بد من بيان قدرة الرب عليه وإلا مجرد العلم بإمكانه لا يكفي في إمكان وقوعه إن لم تعلم قدرة الرب على ذلك” الفتاوى الكبرى

فقد علل قوله بعدم كفاية الإمكان العقلي حين قال: “فالله سبحانه وتعالى لم يكتف في بيان إمكان المعاد بهذا (الإمكان العقلي) إذ يمكن أن يكون الشيء ممتنعا ولو لغيره وإن لم يعلم الذهن امتناعه ؛ بخلاف الإمكان الخارجي” كما نقلنا آنفًا.

بل في نفس النص في حدوث العالم يحكي ما يخرجه عما ألزم به خصومه الجهمية في النبوات من حدوث حادث بلا مرجح حيث يقول: مسألة حدوث العالم (ص: 64) ” فبيّن أنه سبحانه ليس له ظهير يظاهره ويعاونه على شيء من الأشياء، بل هو الغني عن كل شيء في كل شيء، وأن ما خلقه من الأسباب لم يخلقه لحاجته في خلق المسبب إليه؛ بل لأن له في خلقه من الحكمة ما له في خلق المسببات أيضاً؛ كما قال تعالى لما أمر المؤمنين بجهاد الكفار: {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ}.”

فأثبت القدرة والحكمة كما فعل في النبوات، بل وأثبت تسلسل الحوادث! والقدرة وتحقق الشروط (الحكمة) التي قد يكون منها المحل القابل، الخ..

كقوله: وأما إن عنيت بما تقدره حدوث حادث معين، فلا نسلم أن إمكانه أزلي، بل حدوث كل حادث معين جاز أن يكون مشروطا بشروط تنافي أزليته، وهذا هو الواقع، كما يعلم ذلك في كثير من الحوادث، فإن حدوث ما هو مخلوق من مادة يمتنع قبل وجود المادة” – منهاج السنة النبوية (1/ 249)

ونكرر أنه يقصد الخارجي ويبين ذلك قوله في الأصبهانية: “وحينئذ: فإذا صار الفعل والمفعول ممكنا بعد أن كان ممتنعا، لم يكن ذلك لامتناع ذاته بل لإمكان لوازمه وانتفاء موانعه التي هي شروط فيه.”

فهو الإمكان الخارجي الثبوتي عنده، أما الخصوم فيشعرونك أنه اكتشف آخر حياته أن هناك إمكان خارجي بينما كان ينفيه سابقًا!، بل كان ينفي جعل الفلاسفة الإمكان الذاتي الذي يصحح تعلق القدرة هو عينه الخارجي القائم في المادة، ولم يقل ما ينفي ذلك لاحقًا.

ولكنه نفى افتقار الله في قدرته إلى شرط أو سبب ضروري بحيث لا يقدر على الخلق بغيره: وهو نظير قوله في الصفدية (2/ 129) “والقديم لا يجوز أن يكون مفتقرا إلى الحوادث لافتقار المعلول إلى العلة ولافتقار المشروط إلى الشرط ولكن قد تكون الحوادث لازمة له مفتقرة إليه وأما هو فلا يكون مفتقر لا إلى عينها ولا إلى نوعها”

بل جعل شيخ الإسلام الافتقار إلى المحل القابل أمارة حدوث فقال في بيان تلبيس الجهمية:

“فهو في إعطائه غير مستقل؛ بل لابد له من شريك ومعاون، وهذا لأنه ليس في المخلوقات ما هو مؤثر تام، فلا شيء يؤثر وحده، ولا شيء إذا أثر يكون الأثر واجبًا معه مطلقًا؛ بل قد يكون له من المعارضات ما يمنع أثره.

ومن أظهر ما يسمى مؤثرًا الشمس في الإشراق والتسخين، وهي لا تشرق إلا مع شيء آخر يقابلها، يتعلق شعاعها عليه، فيكون الضوء والشعاع حادثًا بسببين: بسببها، وبسبب الجسم المقابل لها، الذي يحل به الشعاع، ثم إن موانع الضوء والشعاع من السحاب وغيره موجودة مشهودة، وكذلك تسخينها مشروط بالمحل الذي تقوم به السخونة، وموانع السخونة”

ويقول:

“ولهذا كان من أصول أهل السنة أنه لاخالق إلا الله، ولا فاعل مستقل بالفعل ولا مؤثر تامًا غيره، وذلك أن كل ما يقدر غيره مما له فعل وتأثير ففعله موقوف على شروط من غيره يكون شريكًا وممنوع بمعارضات من غيره، وله كفو يفعل كفعله، وله شريك وله ندّ وله كفو.”

والقائلون بأن الله يمتنع أن يخلق بغير مادة يقولون أن الله لو أفنى كل ما سواه لامتنع عليه الخلق لسبب حدث في غيره: ولابن تيمية كلام في نظير هذا في برهان التمانع فيقول: “وأما القادر إذا كان ممنوعًا من غيره لا يقدر مع وجود الغير على ما يقدر عليه حال عدمه؛ فإنه يلزم أن يكون عاجزًا ممنوعًا بغيره، وهذا يقدح في قدرته.” – شرح الأصبهانية

فكذلك يجعل عجزه عن شيء مطلقًا بغير وجود الغير افتقارًا ونقلًا وهذا بخلاف الشرط الذي يكون بإرادة الله وقدرته لا لامتناع المخلوق لذاته وعدم تعلق القدرة به كما بيناه من كلامه آنفًا حيث قال: “وحينئذ: فإذا صار الفعل والمفعول ممكنا بعد أن كان ممتنعا، لم يكن ذلك لامتناع ذاته بل لإمكان لوازمه وانتفاء موانعه التي هي شروط فيه. “

من فهم كما فهمت أنا في مسألة انفكاك الجهة بين كلامه في الإمكان في حدوث العالم وكلامه في النبوات؟

يقول الباحث الدكتور يوسف سمرين:

“ولينصر قدم العالم، يقدم حجة مفادها أن الحادث قبل وجوده كان ممكن الوجود، وهذا الإمكان ليس هو القدرة عليه، لأن غير الممكن غير مقدور عليه كالمستحيل، فلما ثبت أن الشيء قد يكون غير ممكن في نفسه، ولا يتعلق بالقدرة، إذا فالقول بأن شيئًا ممكن الوجود لا يعني أنه القدرة عليه، وفي توحيد بين تصور ممكن في نفسه دون القدرة عليه، وبين الواقع كما هو شأن المثالية يختم حجته بقوله: «وليس شيئًا معقولًا بنفسه يكون وجوده لا في موضوع، بل هو إضافي فيفتقر إلى موضوع، فالحادث يتقدمه قوة وجود، وموضوع» فهو: «يريد بيان كون كل حادث مسبوقًا بموضوع أو مادة».

ويقصد بالموضوع «محلها» ليس القدرة عليه، لكوننا نتصور الممتنع دون تصور القدرة، فالممكن موجود عنده دون القدرة، فابن سينا يجعل لتصوره العقلي وجودًا في الواقع، فهناك محل، ومادة موجودة في الواقع تسبق أي محدث لأنه يتصوره معقولًا في نفسه.” – نظرية ابن تيمية في المعرفة والوجود.

ويبين صحة فهمه قول الشيخ في حدوث العالم:

“ولا ريب أن قول من قال: إن المعدوم شيء في الخارج قول باطل، وإنما أصله اشتباه ما في الأذهان بما في الأعيان، واشتباه الوجود العيني بالعلمي؛ وذلك أنه رأى المعدوم يتميز منه المقدور من غير المقدور، والمراد من غير المراد، والامتياز لا يعقل في النفي المحض.

فقال: لا بد أن يكون المعدوم ثابتاً ليحصل فيه الامتياز، ثم علم بعقله أنه ليس بموجود؛ ففرق بين الوجود والثبوت؛ فقال: هو ثابت وليس بموجود.

وكثير ممن ردّ على هؤلاء: أطلق القول بأن المعدوم ليس بشيء، وربما كان في كلامه ما يقتضي: أنه ليس بشيء لا في العلم، ولا العين، لا في الذهن، ولا في الخارج عن الذهن. وهذا غلط؛ بل الصواب: أنه ثابت موجود في العلم؛ بمعنى: أنه يعلم، والتمييز يتبع العلم؛ فإذا كان معلوماً بالعلم: ميز بالعلم بين الممتنع والواجب والجائز، والمراد وغير المراد، وذلك لا يوجب كونه ثابتاً في الخارج؛ فإنا نعلم بالاضطرار: أن نتصور في أنفسنا ما لا حقيقة له في الخارج.

يبيّن ذلك: أنا نتصور الوجود المطلق في أنفسنا، والوجود المطلق لا يكون ثابتاً في العدم، ولا في الخارج. وكذلك سائر الكليات المطلقة؛ فإنا نتصورها مطلقة، وهي لا تكون في الخارج كليات مطلقة. وإنا نتصور الممتنع كما نتصور الممكن، والممتنع ليس بثابت في الخارج بالاتفاق.”

بل يجعل يوسف سمرين هذا القول نابع عن مثاليتهم فيقول:

“«والجوهر عند أرسطو يقوم بذاته، ولا يختلف من حيث الدرجة عن سواه فلا يقال في الرجل مثلًا إنه أبلغ رجولية عما سواه، ووجود الجوهر الذاتي عبارة عن اتحاد الصورة والمادة»، فأرسطو لما أراد إثبات الأشياء، كان لا بد عنده من مثال سابق عليها، وهذا المثال لا يقوم بالله كصفة له فليس العلم بالأشياء من صفات الله عنده، فأخرج العلم خارج الله ليصير (مبدأ الصور، أو المثال)، ثم لما كان الله عنده لا يتحرك، وهو محرك لغيره فحسب، أخرج قيام إمكان قيام الفعل به ليصير خارجه فقال بـ(الهيولى)، وبالتالي (الاستعداد) أو محل الإمكان خارجه، يتحد مع الصور (العلم) لتتعين الأشياء. ” – نظرية ابن تيمية في المعرفة والوجود.

بل وغيره من الباحثين كأحمد عصام نجار والدكتور أبو الفداء مسعود وغيرهم ممن يحملون نصوص الخلق من مادة على الحكمة والمشيئة لا على عدم تعلق القدرة بغير ذلك!

هذا والله أعلم

الغيث الشامي (أبو عبادة)

أبو عبادة، مهندس برمجيات، دمشقي، أثري، شغوف بعلوم الاعتقاد، مهتم بنقد الفلسفات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Optimized by Optimole