في قوله سبحانه وتعالى:
أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ (21) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22) لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ )
فهذه الآية يُفهم منها قدر زائد على التمانع من جهة القدرة، وهو التمانع من جهة العلم كذلك!
فالكلام هنا عن إله في الأرض، هو مصنوع من المصنوعات أو مخلوق من المخلوقات وقد تكون منظمة من المنظمات، أو ولي صالح، أو أي إله تجتمع له بعض صفات الربوبية وهو مخلوق من حيث الأصل، أي ما تسميه بعض الأمم “إله صغير”، تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا.
بحيث يشارك الله التدبير والتقدير في بعض العالم.
فالله سبحانه يقول: لو كان غير الله يدبر لأفسد الأرض لأن هذا المخلوق ليس هو الذي خلق هذا الخلق فأنى له أن يعلم ما هو التدبير الصحيح والنظام الصحيح والتقدير الصحيح للعالم؟
“أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ”
قال تعالى: “الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا”
فلن تقوم بذات هذا المخلوق أفعال كتلك الأفعال التي تقوم بذات الباري سبحانه وتليق بعلمه هو، أو التي يعلّمها للملائكة بأمره إياهم أن يفعلوها فلا يقدر الملك على فعل شيء غير ما أوكله الله به في العالم وقدّره له.
فلو استقل هذا المخلوق بعلمه في تدبير العالم لأفسده بالضرورة ولجهل الحِكَم والغايات التفصيلية التي خلقه الله لأجلها، وحاشا الله أن يولي مخلوقا لهذه المرتبة وكل مخلوق ليس أهلا لذلك بالضرورة..
ولهذا ولنفس السبب فسبحانه لا يسأل عما يفعل، إذ من سيسأله لن يكون إلا مخلوقا من مخلوقاته التي لو كان لها علم فهو بعض يسير من علم الله، وكما ذكرت فالحكم على الشيء فرع عن تصوره، ونحن ما تصورنا الأمر كله بل بعض يسير منه وما علمنا إلا شيء يسير من تحت اقدامنا وفوق رؤوسنا، فأنا لنا أن نسأل لمَ وكيف؟!
(فلمَ) تقع على أقدار الله الكونية وعلى أوامره الشرعية على حد سواء وفيها ضمنيّا ادعاء الدنية لعلم الله سبحانه!
(وكيفَ) تقع على أفعال الله التي اختص بها سبحانه فعلًا أو عِلمًا (كالتنظير في كيفية خلق الله للعالم والمخلوقات الحية)
فأي كيفية تتصورها قياسا على المخلوق في الحكم والغايات من فعل الله وأمره لو قدرنا أن يكون قد وقع كما قدرته فلن ينتج إلا الفساد في العالم بالضرورة.
#الغيث_الشامي
0 2 minutes read