كتاب في العقيدة والفكر الإسلامي
مسألة في الخلق من مادة عند ابن تيمية (بين الوجوب والحكمة)
يُظهرُ التوافقُ البالغ بين نصوصِ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مواضع متفرّقة، رغم تباين جهات التفصيل والسياق، عمقَ مقاصده واتّساق منهجه في النظر والاستدلال. فقد عُرف رحمه الله بكثرة التكرار والتفنّن في العبارة، مما يجعل اجتزاء كلامه أو اقتطاعه من بنيته الفكرية الكاملة آفةً خطيرة في القراءة المعاصرة لتراثه. وكثيرٌ من الدارسين اليوم يقعون في مزلقٍ منهجي حين يقتطعون نصوصًا له من سياقها، ثم يُسارعون إلى تحميلها ما يُتوهَّم من تناقضٍ أو تراجعٍ بلا بيّنةٍ رصينة. بل يتجاوز بعضهم ذلك إلى نسبة “موقفٍ جديد” إليه، بعد أن يُنزَع من تراثه الكلي، ويُعاد تفسيره بلسان خصومه، حتى يدخل على طلابه كما لو كان من قوله، فيغدو أشبه بحصان طروادة يُمرَّر من خلاله فكرٌ دخيل. ثم تُبنى على ذلك جبالٌ من اللوازم والتأويلات المتعسّفة التي تُحرف مراده وتطمس سياقاته الأصلية. والمسألة التي نحن بصدد تناولها في هذا المقال تُعدّ من أبرز الأمثلة على هذا النمط من سوء الفهم والقراءة المبتورة لتراث شيخ الإسلام.




